أتذكر نصيحة قرأتها عن كتابة القصص والروايات تقول: ابدأ قصتك من المنتصف ثم عد للماضي واقفز للمستقبل وعد للحاضر ثم كرر الأمر مرات عديدة، ستكون لديك قصة جيدة.
لذلك أبدأ قصة صناعة الدول من المنتصف، من الحرب العالمية الثانية، حينما كان الناس حول العالم يقتلون بعضهم البعض، حرب ضاعت فيها ملايين الأرواح، حرب اندلعت بسبب عصبيات عرقية وأفكار غبية وأوهام مجد ضائع.
كانت الدول تجهز كل أدوات الدفاع والهجوم وتستخدم أحدث التقنيات المتوفرة في تلك الأيام للتجسس ونقل الأخبار والمعلومات ومباغتة العدو، وقد بنت بعض الدول خطوط دفاع لا زال بعضها موجود حتى اليوم.
بريطانيا ولأنها جزيرة منفصلة عن أوروبا بنت خطوط دفاع في البحر مشكلة من قلاع بحرية، كل قلعة تحوي ما يلزم من مدافع رشاشة مضادة للطائرات ومؤونة تكفي لعشرات من الجنود، وقد بنت كل هذه القلاع في الساحل الشرقي والجنوب شرقي من بريطانيا وكلها بنيت في المياه الإقليمية التابعة لها ما عدى واحدة بنيت على بعد 7 أميال من الساحل أي في المياه الدولية.
بعد الحرب بسنوات تخلت بريطانيا عن هذه القلاع ولم يعد أحد يستخدمها، بعضها دمر وبعضها انهار في عواصف هوجاء وكثير منها بقت شاهداً على حقبة مظلمة، تتآكل ببطئ ويزورها أفواج من السياح، أدوات الدمار في الماضي أصبحت اليوم مصدر دخل للبعض، من كان يظن أن قلاعاً من الإسمنت المسلح والحديد الصدأ يمكنها أن تكون معلماً سياحياً؟
القلعة البحرية التي بنيت خارج المياه الإقليمية لبريطانيا تسمى HM Fort Roughs، شهدت هذه القلعة حدثاً لم يغير وجه التاريخ في عام 1967م حيث هبط على ظهرها بادي روي بايتس الذي كان يخدم الجيش البريطاني برتبة رائد ثم عمل في إذاعات مختلفة، إحداها كانت تبث من إحدى القلاع البحرية التي تقع ضمن حدود المياه الإقليمية لبريطانيا، هذا النوع من الإذاعات غير الرسمية يسمى pirate radio أو راديو القراصنة، وهي غير قانونية لأنها لا تتبع الإجراءات الرسمية للبث، ولا زال بعض الناس حول العالم يبثون إذاعاتهم الشخصية غير الرسمية بين حين وآخر فقط كهواية ممتعة لهم ومزعجة للسلطات.
السلطات البريطانية أوقفت إذاعة بادي فتحرك لاحتلال القلعة البحرية HM Fort Roughs، وبعد أحداث صغيرة ومعركة مع أشخاص آخرين استخدمت فيها قنابل النفط والبعض يقول استخدمت المسدسات أيضاً استطاع بادي التحكم بالقلعة البحرية، لكنه لم يبث إذاعته من هناك لكنه أعلن أن هذه القلعة هي الآن إمارة سيلاند أو Principality of Sealand وسمى نفسه روي أمير سيلاند!
القصة لم تنتهي بعد، ففي عام 1978 حدث أمر مريع في أرض سيلاند، حيث أدار رئيس الوزراء أليكساندر انقلاباً ضد أمير سيلاند واحتجز ابن الأمير كرهينة، شارك في الانقلاب عدد من الهولنديين والألمان، بعد أيام أطلق سراح ابن الأمير لكن الانقلابيين لا زالوا يتحكمون بالقلعة - أعني الإماراة، بادي لم يسكت ولم يجبن، ولنتذكر بأنه عسكري برتبة رائد، حمل السلاح واستخدم طائرة مروحية ليستعيد سيطرته على قاعدة الحديد الصدء التي تسمى إمارة سيلاند.
استطاع روي استعادة السيطرة على إمارته واحتجز الغزاة الانقلابيين واعتبرهم سجناء حرب! ألمانيا وهولندا طالبت حكومة بريطانيا بالتدخل لكن بريطانيا سبق لها أن تعاملت مع سيلاند ورأت المحكمة أن قوانينها لا يمكن أن تطبق على ما يقع خارج حدود مياهها الإقليمية، لذلك أرسلت ألمانيا سفيرها في بريطانيا إلى سيلاند ليتفاوض مع روي ... الأمير!
بعد مفاوضات دامت لأسابيع أطلق بادي سجناء الحرب وعاد رئيس الوزراء الخائن إلى ألمانيا ليقيم هناك حكومة سيلاند في المهجر!
جدير بالذكر أن إمارة سيلاند هي الدولة الوحيدة التي لا تحوي أي جبال أو أنهار أو حتى صحاري، بل لا تحوي أي صخور أو تربة من أي نوع، كما أنها لا تحوي أي معالم سياحية أو أي شيء! هذا إن كان يمكن أن نسميها دولة.
من الناحية القانونية لا أحد يعترف بها، لذلك هي ليست دولة، لكن روي ومن معه يتعاملون بجدية كبيرة مع الموضوع تجعلني أبتسم كلما تذكرت هذه الدويلة الصغيرة، من يتصور أن قاعدة بحرية مهترئة تصبح مكاناً لصراع وانقلاب وغزو ومهمات دبلوماسية؟!
وللتأكيد على جدية هذه الإمارة هناك علم وشعار ودستور! هناك عملة تسمى دولار سيلاند وجواز سفر ونشيد وطني! بل ورياضيون يتنافسون في مسابقات باسم سيلاند! بادي روي جاد بالفعل.
السؤال، هل ستتعامل مع سيلاند بجدية على أنها دولة ذات سيادة تامة أم أنك من الفريق الذي يظن أنها مجرد نكتة طويلة الأمد؟ شخصياً لست من هؤلاء ولا من هؤلاء.
وبالمناسبة، سيلاند معروضة للبيع حيث أن أميرها يعيش في إسبانيا وابن الأمير في بريطانيا!
روابط وصور:
لذلك أبدأ قصة صناعة الدول من المنتصف، من الحرب العالمية الثانية، حينما كان الناس حول العالم يقتلون بعضهم البعض، حرب ضاعت فيها ملايين الأرواح، حرب اندلعت بسبب عصبيات عرقية وأفكار غبية وأوهام مجد ضائع.
كانت الدول تجهز كل أدوات الدفاع والهجوم وتستخدم أحدث التقنيات المتوفرة في تلك الأيام للتجسس ونقل الأخبار والمعلومات ومباغتة العدو، وقد بنت بعض الدول خطوط دفاع لا زال بعضها موجود حتى اليوم.
بريطانيا ولأنها جزيرة منفصلة عن أوروبا بنت خطوط دفاع في البحر مشكلة من قلاع بحرية، كل قلعة تحوي ما يلزم من مدافع رشاشة مضادة للطائرات ومؤونة تكفي لعشرات من الجنود، وقد بنت كل هذه القلاع في الساحل الشرقي والجنوب شرقي من بريطانيا وكلها بنيت في المياه الإقليمية التابعة لها ما عدى واحدة بنيت على بعد 7 أميال من الساحل أي في المياه الدولية.
بعد الحرب بسنوات تخلت بريطانيا عن هذه القلاع ولم يعد أحد يستخدمها، بعضها دمر وبعضها انهار في عواصف هوجاء وكثير منها بقت شاهداً على حقبة مظلمة، تتآكل ببطئ ويزورها أفواج من السياح، أدوات الدمار في الماضي أصبحت اليوم مصدر دخل للبعض، من كان يظن أن قلاعاً من الإسمنت المسلح والحديد الصدأ يمكنها أن تكون معلماً سياحياً؟
القلعة البحرية التي بنيت خارج المياه الإقليمية لبريطانيا تسمى HM Fort Roughs، شهدت هذه القلعة حدثاً لم يغير وجه التاريخ في عام 1967م حيث هبط على ظهرها بادي روي بايتس الذي كان يخدم الجيش البريطاني برتبة رائد ثم عمل في إذاعات مختلفة، إحداها كانت تبث من إحدى القلاع البحرية التي تقع ضمن حدود المياه الإقليمية لبريطانيا، هذا النوع من الإذاعات غير الرسمية يسمى pirate radio أو راديو القراصنة، وهي غير قانونية لأنها لا تتبع الإجراءات الرسمية للبث، ولا زال بعض الناس حول العالم يبثون إذاعاتهم الشخصية غير الرسمية بين حين وآخر فقط كهواية ممتعة لهم ومزعجة للسلطات.
السلطات البريطانية أوقفت إذاعة بادي فتحرك لاحتلال القلعة البحرية HM Fort Roughs، وبعد أحداث صغيرة ومعركة مع أشخاص آخرين استخدمت فيها قنابل النفط والبعض يقول استخدمت المسدسات أيضاً استطاع بادي التحكم بالقلعة البحرية، لكنه لم يبث إذاعته من هناك لكنه أعلن أن هذه القلعة هي الآن إمارة سيلاند أو Principality of Sealand وسمى نفسه روي أمير سيلاند!
القصة لم تنتهي بعد، ففي عام 1978 حدث أمر مريع في أرض سيلاند، حيث أدار رئيس الوزراء أليكساندر انقلاباً ضد أمير سيلاند واحتجز ابن الأمير كرهينة، شارك في الانقلاب عدد من الهولنديين والألمان، بعد أيام أطلق سراح ابن الأمير لكن الانقلابيين لا زالوا يتحكمون بالقلعة - أعني الإماراة، بادي لم يسكت ولم يجبن، ولنتذكر بأنه عسكري برتبة رائد، حمل السلاح واستخدم طائرة مروحية ليستعيد سيطرته على قاعدة الحديد الصدء التي تسمى إمارة سيلاند.
استطاع روي استعادة السيطرة على إمارته واحتجز الغزاة الانقلابيين واعتبرهم سجناء حرب! ألمانيا وهولندا طالبت حكومة بريطانيا بالتدخل لكن بريطانيا سبق لها أن تعاملت مع سيلاند ورأت المحكمة أن قوانينها لا يمكن أن تطبق على ما يقع خارج حدود مياهها الإقليمية، لذلك أرسلت ألمانيا سفيرها في بريطانيا إلى سيلاند ليتفاوض مع روي ... الأمير!
بعد مفاوضات دامت لأسابيع أطلق بادي سجناء الحرب وعاد رئيس الوزراء الخائن إلى ألمانيا ليقيم هناك حكومة سيلاند في المهجر!
جدير بالذكر أن إمارة سيلاند هي الدولة الوحيدة التي لا تحوي أي جبال أو أنهار أو حتى صحاري، بل لا تحوي أي صخور أو تربة من أي نوع، كما أنها لا تحوي أي معالم سياحية أو أي شيء! هذا إن كان يمكن أن نسميها دولة.
من الناحية القانونية لا أحد يعترف بها، لذلك هي ليست دولة، لكن روي ومن معه يتعاملون بجدية كبيرة مع الموضوع تجعلني أبتسم كلما تذكرت هذه الدويلة الصغيرة، من يتصور أن قاعدة بحرية مهترئة تصبح مكاناً لصراع وانقلاب وغزو ومهمات دبلوماسية؟!
وللتأكيد على جدية هذه الإمارة هناك علم وشعار ودستور! هناك عملة تسمى دولار سيلاند وجواز سفر ونشيد وطني! بل ورياضيون يتنافسون في مسابقات باسم سيلاند! بادي روي جاد بالفعل.
السؤال، هل ستتعامل مع سيلاند بجدية على أنها دولة ذات سيادة تامة أم أنك من الفريق الذي يظن أنها مجرد نكتة طويلة الأمد؟ شخصياً لست من هؤلاء ولا من هؤلاء.
وبالمناسبة، سيلاند معروضة للبيع حيث أن أميرها يعيش في إسبانيا وابن الأمير في بريطانيا!
روابط وصور:
- ويكيبيديا: إمارة سيلاند.
- ويكيبيديا: بادي روي بايتس
- الموقع الرسمي لإمارة سيلاند.
- ويكيبيديا: عملات وطوابع من سيلاند
- موقع أخبار سيلاند: Sealand News
- موقع حكومة سيلاند في المهجر
- صورة: موقع سيلاند
- صورة: علم سيلاند
هذا الموضوع من أجمل وأغرب المواضيع اللت يقرأتها
ردحذفأشكر جدا على مشاركتك لنا بها
وودي أسأل سؤال، أين وضعت الرهائن؟!
آآآآآآه، أتمنى أسويلي دوله مثلها :)
ان شاء الله بتابعك إلى أن أصل إلى فكره :)
أنا من الفريق الآخر حيث تبدو لي هذه الأمارة كمزحة أو هواية شخصية لأحدهم
ردحذفطريفة وغريبة قصة هذه الدويلة، يبدو أن الثروة السمكية هي مصدر الوحيد لدخلها القومي :)
ردحذفشخصيـا لن اتعامل معها كدوله مستقله ,بل ساتعامل معها كمزحـه او قصه طريفه
ردحذفباقي معلومات حول الإمارة حتى أوضح كيف سأتعامل معها؟؟
ردحذفأولاً:كم عدد السكان؟
ثانياً:الديانة الرسمية؟؟
ثالثاً:موقفها من قضية فلسطين؟
ولكن بالأخير تبقى مجرد مزحة من الأمير روي
شكراً عبدالله
bb: لا زال هناك الكثير من الغرائب، أنتظر فقط، أما الرهائن فربما في أحد العمودين، لأنهما مجوفين.
ردحذفagdedouy: أشكرك.
amtoon: لا، الثروة السمكية غير مهمة، لأن صاحب الإمارة غني كفاية.
mutati0n: أشكرك.
عمر: لا تأخذ الموضوع بجد أكثر من اللازم وإلا ستعاقب :-)
ههههههههه
ردحذفرهائن ودبلوماسيين وانقلابات
و كأني أقرأ أحداثا خيالية :)
سؤال: كيف الوصول الى هذه الدويلة ؟
هل نحتاج لتذكرة و حمل الجواز و ما شابه ؟
شكرا عبدالله
أعتذر عن الكتابه خارج موضوع المدونه ولكني لفت انتباهي قولك أنك تتدرب على البودكاست!
ردحذفانا أريد وبشده تعلمه وأيضا معرفة كيف أجد بودكاست في مواضيع معينه
أرجو ارشادي
يا اخ عبد الله يا ليت تفعل الخلاصات لأنه من المستحيل متابعة مدونة بدون خلاصات
ردحذفbb: راسلني على بريد موقعي، زر موقعي، ثم صفحة "للمراسلة" وستجد بريدي.
ردحذفابو سعد: إذا كنت تستخدم فايرفوكس فيمكنك أن ترى إيقونة الخلاصات، وكذلك إكسبلورر 7 أما إكسبلورر 6 فلن يعرضها، الخلاصات بالفعل مفعلة.
أسماء: بالقارب ... من ساحل بريطانيا إلى هذه الدويلة لا يتطلب إلا دقائق معدودة في قارب سريع، ولا حاجة لتذاكر أو أي شيء.
ردحذفشكرا لك، موضوع غريب فعلا، لكني من الذين يأخذون الأمر بجدية روي يحق له إنشاء دولة ككل الناس، إنها الحرية.
ردحذفموضوعك هذا جعلني أفكر في بناء دولتي الخاصه
ردحذفوأتخيل علمها وعملتها
ومصادر الدخل القومي وحقوق المواطن
حتى لوكانت الأرض صيرة جداً بالإمكان استئجار بعض الأراضي من الدول وإقامة المصانع والمزارع
ربما النهضة الحقيقية قد تبدأ من خارج الوطن
موضوع فريد في المدونات العربية ....
ردحذفhey i dont have arabic keyboard but i understand arabic
ردحذفthat pic that u put at the end of the topic is the pic of the island of sealand ?????
IF SO , its nt a country , just a joke :d
سبحان الله العظيم هذا مثال حي على كيفية صنع دولة.. ههههه
ردحذفلا يا أخي إن كان في الأمر انقلابات، فسأنسحب من الآن..أنا مسالم حتى النخاع.. :-)
إستمتعت بالقراءة على إمارة سيلاند المجيدة..
السلام عليكم ،
ردحذفيا إخوان الموضوع ليس مزاح بل حقيقة ،
والإمارة ما زالت معروضة للبيع ،
ثمنها تقريباً 500 مليون باوند حسب ما قدر خبير أراضي أوروبي ، وإذا هناك أي شخص يحب أن يمتلك هذه الإمارة فالباب ما زال مفتوحاً :)
اي والله من الاخر وشكرا على هاذا الدرس الرئع وشكرا غلبنك
ردحذفانا رائد اماره من رمانه