05 أكتوبر 2009

هايتي وتاهيتي

تصور أنني لم أعرف الفرق بين هايتي وتاهيتي إلا مؤخراً! منذ وقت طويل كنت أظنهما بلداً واحداً في البداية لكن بعد ذلك ظننت أن إحداهما دولة إفريقي والأخرى دولة في البحر الكاريبي وقد كنت على صواب في معلومة واحدة لكن علاج الجهل لا يكون بالتخمين بل بالقراءة ومعرفة الحقائق.

ما يجمع بين هايتي وتاهيتي هي الاستعمار وفرنسا، كذلك البحر وثقافة مميزة مختلفة عما نعرفه وما اعتدنا عليه، والأهم من ذلك شعب مضياف، هذه نظرة سريعة على البلدين.

هايتي
قبل أن يبدأ المستشكف الإسباني كرستوفر كولومبس رحلاته الاسكتشافية كانت جزيرة هسبانيولا مملكة يحكمها ملك من شعب يسمى تينو (Taino)، الجزيرة تقع في البحر الكاريبي جنوب شرق كوبا ومناخها استوائي وتتعرض للعواصف والأعاصير الموسمية وهي جزيرة جبلية.

جاء الإسبان كمستكشفين في أول الأمر لكنهم تحولوا إلى غزاة ومارسوا وحشيتهم ضد السكان الأصليين الذين انخفضت أعدادهم بشكل كبير بسبب القتل والتشريد والأمراض التي جلبها الإسبان معهم كالجدري الذي لا يملك السكان الأصليون مقاومة ضده، بعد ذلك جلب الإسبان العبيد من إفريقيا وبعض هؤلاء العبيد كانوا مسلمين وكانت هذه بداية الإسلام في هايتي، اليوم هناك أقلية مسلمة في هذا البلد تتركز في العاصمة بورت أو برنس.

بعد الاحتلال الإسباني جاء الفرنسي وقد اعترفت إسبانيا بهذا الاحتلال وأخذت فرنسا الثلث الغربي من جزيرة هسبانيولا والتي أصبحت بعد ذلك جمهورية هايتي، في ظل الاحتلال الفرنسي كانت هايتي إحدى أغنى المستعمرات الفرنسية في البحر الكاريبي وكذلك إحدى أشد المستعمرات قسوة على العبيد.

ثار السود على الفرنسين وبعد أحداث مختلفة حصلت هايتي على استقلالها في عام 1804 وكانت أول بلد تتحرر من الاستعمار الغربي وما يميزها أنها ثورة قادها السود الأفارقة وبالتالي هي أول جمهورية يقودها السود من الأصول الأفريقية.

لكن الاستقلال لم يدم طويلاً فتدخلات دول أخرى مثل ألمانيا وبريطانيا وأمريكا أدى إلى صراعات وانقلابات واضطراب سياسي منذ ذلك الوقت وحتى اليوم وهذا ما جعلها إحدى أفقر الدول في أمريكا.

تاهيتي
تختلف تاهيتي عن هايتي بكونها تابعة لفرنسا فهي جزء من جزر بولينيزيا الفرنسية التي تقع في المحيط الهادئ والمكونة من مجموعة جزر أشهرها وأكبرها تاهيتي ويسكنها ما يقرب من 69% من سكان بولينيزيا الفرنسية، الجزيرة مكونة من جزئين دائريين يصل بينهما ممر قصير وتحوي جبالاً بركانية.

تعتمد تاهيتي بشكل كبير على السياحة وهي المصدر الأساسي للدخل في هذه الجزيرة وهذا ما جعلها محطة سياحية يقصدها كثير من الناس من كل أنحاء العالم.

التاريخ يتكرر مع تاهيتي فقد كانت مجتمعاً له ثقافة ولغة مختلفة ومميزة، جاء المستكشفون من أوروبا ثم تحولوا إلى غزاة وجلبوا معهم أمراض حضارتهم مثل الحصبة والإدمان على الكحوليات والبغاء والأمراض الجنسية، هذا أدى إلى انخفاض عدد سكان الجزيرة ثم اختلاط أعراقهم بالأوروبيين والصينيين.

اليوم يتحدث سكان تاهيتي الفرنسية ولغتهم المحلية التاهيتية ويملكون معظم الحقوق السياسية للمواطنين الفرنسيين ولهم عملة خاصة وبرلمان منفصل ويديرون شؤونهم بأنفسهم، فرنسا تقدم المساعدات المالية وتتحكم بالتعليم والأمن.

بعض السياسيين في بولينيزيا الفرنسية يطالبون باستقلال جزيرتهم عن فرنسا ويؤيدهم فقط 20% من سكان الجزر، أظن أن سبب عدم وجود أكثرية تطالب بالاستقلال هو استقرار المنطقة حالياً منذ الحرب العالمية الثانية وارتفاع مستوى الدخل وإمكانية إدارة أغلب شؤونهم بدون تدخل مباشر من فرنسا، الوضع بالنسبة لهم آمن ومستقر فلماذا التغيير؟

هناك 5 تعليقات:

  1. بصراحة أول مرة أساسا اسمع عن هايتي وتاهيتي ..
    على بالي إنها كلمتين من لغة ما :)

    اعترف إنه عندي مشكلة في الجغرافيا بس إن شاء الله بأحاول أقرأ

    يعطيك العافية

    ردحذف
  2. غير معرفأكتوبر 06, 2009

    سمعت عن تاهيتي قريباً وظننتها هي هي هايتي أو بمعني آخر لم أهتم كثيرا
    أرجو لو ترفق مع الموضوع صور لموضع الدولتين أو البلدتين علي الخريطة
    بحيث الصورة تستقر في أذهاننا بشكل أفضل

    ردحذف
  3. انا لما اكن اعرف البتة عن كل من هذه الجزيرتين ..
    اما الان فأصبحت اعرفهما ..
    ولو كان الموضوع مزينة بالصور لكان ذلك افضل ..
    لنرسم صورة جميلة جداً عنهما

    ردحذف
  4. موضوع جميل جدا وانا نقلت مواضيع من مدونتك

    ردحذف
  5. لم يكن الأوروبيون ابتداءً مستكشفين، هذا ما يطلقونه هم على أنفسهم، هم غزاة، يسعون لإيجاد أسواق جديدة، وجلب موارد جديدة، نتيجة للثورة الصناعية في أوروبا، هذا سبب خروجهم وليس الاستكشاف، فلماذا إذن تمول الحكومات في ذلك الوقت رحلات كولومبوس وغيره؟ بالتأكيد ليس للتعلم فهم ماديون، بل من أجل المصالح المادية.

    وتقبل تحياتي

    ردحذف